لم تكد تقرّ الموازنة في مجلس النواب حتى خرجت أصوات إعتراضاً على المادة 49 التي أقرت في متنها والتي أعطت الحق للأجنبي بالحصول على الإقامة في لبنان بشروط بسيطة لا تتعدّى أن يتملّك شقّة بقيمة خمسمئة ألف دولار في العاصمة بيروت. فما الخطر الفعلي الذي تشكّله هذه المادة في بلد يرزح تحت عبء أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري؟!.
"إذا تحدثنا في المادة 49 عن خطر التوطين أو التجنيس فطبعاً لا نعني بذلك الفلسطينيين الموجودين في لبنان لأن هؤلاء لا يحق لهم التملّك، وبالتالي لا يمكن أن يستفيدوا من هذه المادة". هذا ما يؤكده الخبير الدستوري عادل يمين عبر "النشرة"، لافتاً الى أن "باقي الاجانب أو العرب يمكن أن يستفيدوا منها، اما اذا قصدنا بالتوطين اعطاء الجنسية فالقانون اللبناني لا يعطيها مهما طالت اقامة الشخص بلبنان كلاجئ، أما اذا اعتبرنا الاقامة الطويلة الامد كشكل من أشكال التوطين فإن ذلك سيجعل من المادة 49 سبباً للقلق، لإنها وإن كانت لا تعطي اقامة دائمة للأجنبي لكنها تعطي اقامة مرتبطة بالملكيّة وقد تكون طويلة الأمد"، مشددا على ضرورة "تعديل هذه المادة بجعل منح الاقامة للأجنبي موقتة لمدة سنة قابلة للتجديد".
بدوره يرى الخبير الدستوري أنطوان صفير أن "المادة 49 خطيرة لأنها وإن كانت وضعت بهدف تشجيع الإستثمار وشراء العقارات الا أن تداعياتها الديمغرافية خطيرة، والهمّ الوطني والديموغرافي أكبر من الهمّ الاقتصادي"، مضيفا: "يمكن أن نسمح للأجنبي بتملك شقة ولكن أن نعطيه إقامة دائمة مقابل الشقة فهذا أمر بالغ الخطورة في بلد يعيش فيه اكثر من مليون و500 الف نازح سوري"، مؤكدا أن "ما يحدث هو خرق للتوازنات".
"المادة 49 وكما أُقرت تشكل خطرا كبيراً ومن هنا يجب تعديلها بإتجاه وضع ضوابط". هذا ما يؤكده عادل يمين، لافتا الى أنه يجب استثناء كل اللاجئين والنازحين الى أي جنسية انتموا منها أو في حال لم يكونوا حائزين على جنسية دولة معترف بها"، مشيرا الى "ضرورة جعل الاقامة سنوية قابلة للتجديد وليست اقامة مرتبطة بمدة موازية لاستمرار ملكية الشقّة"، ومضيفاً: "جعل ملكية الشقة بالمواصفات المذكورة سببا تأخذه الحكومة بعين الاعتبار خلال دراستها منح الاقامة السنويّة للاجئين أو لتجديدها من غير أن تكون سبباً ملزما للحكومة اللبنانية لمنح مثل تلك الاقامة، على أن تبقى الحكومة صاحبة الحق في تقدير منحها أو لا كما أنها صاحبة الحق في فرض شروط اضافية".
في المقابل، تشير مصادر عبر "النشرة" الى أنه "إذا كان من المسلّم به ان المادة 49 بطبعها الحاضر لا تمنح الجنسية للاجئين، الا ان معنى التوطين لا يقتصر على التجنيس اذ ان الاقامة الطويلة المدى قد تشكل شكلا من اشكاله، بمعنى السكن والعمل والعيش والاستقرار في البلد"، مؤكدة أن "المخاطر والمؤامرات التي قد تكون في ذهن بعض الدول الاجنبية تدفعنا للحذر من امكان ان تقوم جهات دولية بتمويل واعطاء قروض وتسهيلات للنازحين السوريين من أجل تملكهم شققا بالاثمان المحددة في المادة 49، وإن كان مثل هذا الدعم وعلى مستوى كبير وباعداد كبيرة غير متيسّر في المدى القصير والمتوسط نظرا لضخامة الاعداد الموجودة بلبنان الا ان الحذر الوطني يوجب إبعاد مثل هذه الاحتمالات".
في المحصلة تحتاج المادة 49 الى تعديل يكون بقانون معجّل مكرّر يطرحه بعض النواب فيجتمع عندها مجلس النواب ويصوت عليه ويوقعه رئيس الجمهورية ميشال عون في مهلة خمسة أيام من نشره في الجريدة الرسمية، وإذا لم يحصل هذا التعديل فإن لبنان معرّض أن يدفع الثمن غالياً نتيجة وجود جحافل النازحين السوريين على أرضه وفي ظلّ رغبة دولية في إبقاء هؤلاء فيه!. في حين يعمد بعض النواب الحاليين الى ايجاد التبريرات المقنّعة في هذا الاطار بسبب مصالح انتخابيّة بحتة، وهو بالخفاء يسعون الى تدفيع اللبنانيين الأثمان الباهظة من خلال هذه المادة المشؤومة...